لماذا يرفض جيل Z تولي المناصب القيادية؟

Blog

_BlogImage-لماذا-يرفض-جيل-زد-تولي-المناصب

في بيئة العمل الحديثة، هناك مفارقة لافتة للنظر: في الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى ضخ دماء جديدة في المناصب الإدارية والقيادية، نجد أن عدداً متزايداً من أفراد جيل Z يترددون أو حتى يرفضون تولي هذه الأدوار، رغم ما تحمله من سلطة ومكانة وفرص للتأثير. فكيف يمكن لجيل يوصف بأنه طموح، رقمي بامتياز، ومليء بالأفكار الإبداعية أن يتهرب من تحمل المسؤولية الإدارية؟ الإجابة ليست بسيطة، لكنها حتماً مثيرة للاهتمام. 

جيل يرى القيادة بشكل مختلف

بالنسبة لجيل Z، القيادة لم تعد تعني المكتب الكبير والسلطة العليا كما كانت تُصور في الأجيال السابقة. نشأ هذا الجيل في زمن تسوده قيم الوعي الذاتي، والذكاء العاطفي، والصحة النفسية، والعمل عن بُعد، مما غيّر نظرتهم للسلطة والمسؤولية. القيادة بالنسبة لهم ليست وجهة، بل رحلة، ولا تعني بالضرورة وجود لقب إداري أو توقيع على ورقة، بل تتعلق بالتأثير والمشاركة والقدوة.

الكثير منهم يفضلون لعب أدوار محورية في فرق العمل، أو المساهمة في توجيه المشاريع دون أن يكونوا في "الواجهة". يعتقدون أن السلطة لا تُمنح، بل تُكتسب بالاحترام، والمعرفة، والتعاون. ولهذا السبب، قد يبتعدون عن المناصب الرسمية إن رأوا أن بإمكانهم التأثير بشكل أكبر خارج إطارها.

 الاحتراق الوظيفي لا يغريهم

جيل Z ليس ساذجاً تجاه متطلبات المناصب القيادية، بل واعٍ تماماً لما قد تجره من ضغوط نفسية، وساعات عمل طويلة، وقرارات معقدة. لقد شاهدوا آباءهم أو إخوتهم الأكبر يتعرضون للاحتراق الوظيفي، ويعانون من اضطرابات القلق والتوتر الناتجة عن ضغوط العمل المستمرة.

تشير الدراسات إلى أن الصحة النفسية تأتي في مقدمة أولويات هذا الجيل. ووفقاً لتقرير صادر عن McKinsey، فإن أكثر من ربع شباب جيل Z يعانون من أعراض القلق أو الاكتئاب، وهو رقم يعكس حجم الضغط الذي يشعرون به في حياتهم اليومية.

وبالتالي، فإن المناصب القيادية التي كانت تُعتبر "جوائز مهنية" في الماضي، قد تُنظر إليها الآن كتهديد لتوازنهم الشخصي. فبالنسبة لهم، لا يوجد ما يبرر التضحية بصحتهم النفسية من أجل لقب.

قيادة بلا تمكين؟ شكراً لا!

واحدة من أهم أسباب عزوف جيل Z عن المناصب القيادية هي غياب التمكين الحقيقي. ففي الكثير من الشركات، وخاصة التي تعتمد على ثقافة إدارية تقليدية وهرمية، يتم تعيين مدراء شباب لكن دون منحهم القدرة الحقيقية على اتخاذ قرارات مصيرية أو إدخال تغييرات ملموسة.

جيل Z لا يبحث عن لقب يُزيّن ملفه الشخصي، بل عن دور فعّال يُمكنه من إحداث فرق. إذا شعر أن المنصب سيكون مقيداً بالإجراءات، أو أنها ستكون إدارة صورية فقط، فلن يجد أي قيمة في القبول به.

بل على العكس، يرى الكثير منهم أن القيادة الحقيقية تحدث عندما يكون الفرد حراً في قراراته، قادر على التجربة، والمخاطرة، والابتكار. فإن لم تتوفر بيئة تدعم هذه المبادئ، فإن المنصب لن يجذبهم أبداً.

الولاء للشغف لا للمنصب

من أبرز ما يميّز جيل Z عن الأجيال السابقة هو ولاؤهم للشغف والقيم الشخصية أكثر من ولائهم للشركة أو للمسميات. فهم لا ينظرون إلى العمل كمجرد وسيلة لتحقيق الاستقرار المادي، بل كمجال لتحقيق الذات والتعبير عن الأفكار والمبادئ.

لذلك، إذا لم تكن المناصب القيادية تتماشى مع شغفهم أو أهدافهم، فلن يسعوا إليها. فهم لا يرونها كـ"خطوة إجبارية" في السلم الوظيفي، بل كخيار يجب أن يُتخذ بوعي وقناعة. كثير منهم يفضل العمل الحر، أو المشاريع الاجتماعية، أو حتى إنشاء مشاريعهم الخاصة على أن يكونوا "مدراء بلا روح" في بيئة لا تعبّر عنهم.

الخوف من فقدان الاستقلالية

الحرية والمرونة هما من القيم الجوهرية لجيل Z. هذا الجيل يقدّر التحكم بوقته، والعمل من أي مكان، والموازنة بين حياته الخاصة والمهنية. لكن غالباً ما تتطلب المناصب القيادية الحضور المستمر، الاجتماعات المتكررة، والانشغال بتفاصيل إدارية قد تكون مرهقة ومستهلكة.

العديد من الشباب يرون أن القيادة قد تعني التضحية باستقلاليتهم، وربما تقييد نمط حياتهم. لذلك، يُفضل البعض منهم البقاء في أدوار مرنة تتيح لهم حرية الحركة والتعبير، بدلاً من التورط في مسؤوليات تسرق منهم حريتهم.

بالنهاية، الجيل Z لا يرفض القيادة كفكرة، بل يرفض النمط التقليدي للقيادة الذي لا يتماشى مع قيمه واهتماماته. هذا الجيل يبحث عن معنى، عن تأثير، وعن دور حقيقي، لا مجرد لقب. التحدي الآن أمام المنشآت هو أن تعيد تعريف القيادة بشكل يواكب هذا التحوّل، وأن تخلق بيئات تمكّن هؤلاء الشباب وتحتضن رؤاهم، بدلًا من تقييدهم بأساليب ومعايير لم تعد تناسب العصر الحالي. 

حنين ابراهيم
حنين ابراهيم

حنين إبراهيم هي رئيسة قسم التواصل في ZenHR، وتتمتع بأكثر من 8 سنوات من الخبرة في التسويق في مجال تكنولوجيا الموارد البشرية. متخصصة في المحتوى التسويقي والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبناء العلامة التجارية، وتؤمن بقوة بـ "قيادة الفكر" ومشاركة الرؤى حول مواضيع الموارد البشرية، والثقافة التنظيمية، وبيئة العمل.

Blog

ابقَ على اطلاع دائم بآخر المستجدات والنصائح في عالم الموارد البشرية مع مدونة ZenHR.