في عالم الموارد البشرية الذي يشهد تحولات متسارعة، تظهر بين الحين والآخر مصطلحات ومفاهيم جديدة تعكس هذه التغيرات. بعضها يمرّ مرور الكرام، بينما ينجح بعضها الآخر في تسليط الضوء على واقع يعيشه الموظف كل يوم. ومن بين هذه المفاهيم، برز مؤخراً مصطلح Career Cushioning كأحد أكثر المواضيع نقاشاً بين المهنيين حول العالم.
ما هو Career Cushioning؟
يشير هذا المفهوم إلى قيام الموظف باتخاذ خطوات احترازية لتأمين مستقبله المهني دون أن يترك وظيفته الحالية. هذه الخطوات قد تشمل:
- تحديث السيرة الذاتية بشكل مستمر.
- تعلم مهارات جديدة أو الحصول على شهادات مهنية.
- التوسّع في بناء الشبكات والعلاقات المهنية.
- متابعة السوق والفرص الجديدة باستمرار.
- إجراء مقابلات بشكل استكشافي دون نية فورية في الانتقال.
ورغم أن هذه الممارسات قد تبدو للبعض مثيرة للجدل، إلا أنها في حقيقتها تعكس وعياً مهنياً متقدماً، وفهماً عميقاً لأهمية الاستعداد المستمر في بيئة عمل لا تخلو من التغيرات.
لماذا يلجأ الموظفون إلى هذا السلوك؟
هناك عدة عوامل دفعت الموظفين إلى تبني مفهوم الـ Career Cushioning، من أبرزها:
- تقلّبات سوق العمل: الكثير من القطاعات باتت غير مستقرة، والتغيّرات الاقتصادية والتقنية السريعة تؤثر بشكل مباشر على فرص العمل.
- تجارب سلبية سابقة: فقدان الوظيفة المفاجئ أو الشعور بعدم التقدير قد يدفع الموظف إلى مثل هذه الممارسات الاحتياطية.
- الوعي المتزايد بأهمية التطوير الذاتي: لم يعد الأمان الوظيفي وحده كافياً، بل أصبح الموظفون يدركون أهمية الاستثمار في مهاراتهم لضمان مستقبلهم المهني.
هل يُعد هذا السلوك خيانة للوظيفة؟
قد ينظر بعض المديرين إلى هذا التوجّه بريبة، ويعتبرونه مؤشراً على نية الموظف في الاستقالة. إلا أن الواقع مختلف؛ فـ Career Cushioning لا يعني بالضرورة أن الموظف غير ملتزم، بل يعكس حرصه على التخطيط والاستعداد. الموظف الواعي لا ينتظر الأزمة حتى يبدأ بالتحرّك، بل يكون على استعداد دائم لمواجهة المتغيرات.
ماهي أكثر الأجيال تأثراً به؟
اللافت هو أن هذا التوجه يلقى صدى كبيراً بين جيل الألفية (Millennials) وجيل Z:
جيل الألفية: نتيجة لما واجهوه من تحديات في بدايات حياتهم المهنية، أصبحوا أكثر حذرًا في مسألة الاستقرار المهني، ويميلون إلى التخطيط المسبق لأي تغيير محتمل.
جيل Z: بعقلية مرنة ووعي تقني عالي، يُظهر هذا الجيل استعدادًا أكبر لتقبّل التغييرات، والتفاعل معها بشكل استباقي، مما يجعلهم أكثر انفتاحًا على فكرة Career Cushioning كخطة ذكية لإدارة المستقبل المهني.
هل يُنصح به؟
نعم، بشرط أن يُمارَس بذكاء وبدون الإخلال بالالتزامات الحالية. أي أن يكون الموظف قادرًا على الموازنة بين أداء مهامه الحالية على أكمل وجه، وبين العمل بهدوء على بناء مستقبله. من المهم أن لا يتحول هذا السلوك إلى مصدر قلق دائم أو ضغط نفسي، بل أن يكون وسيلة لتعزيز الشعور بالأمان والثقة بالنفس.

حمزة العودات
أخصائي دعم تقني في ZenHR، بخبرة تزيد عن 3 سنوات في تقديم تجربة دعم احترافية تُراعي احتياجات العملاء وتُعزّز التواصل الفعّال. يؤمن حمزة بأن الدعم الحقيقي يتجاوز الحلول التقنية ليصل إلى بناء علاقات قائمة على الثقة والوضوح. يشارك عبر لينكدإن محتوى يُسلّط الضوء على عالم الموارد البشرية وتطوير الموظفين، ويطمح لأن يكون صوتاً يُعبّر عن قيم الدعم الإنساني داخل بيئات العمل.