مع دخولنا عام 2024، تعج الموارد البشرية بالعديد من التغيّرات المهمة. بناءً على ما تحدّث عنه خبراء الموارد البشرية وشركات التكنولوجيا طوال العام الماضي، هناك العديد من الممارسات والاتجاهات الكبيرة التي تشغل أذهان الجميع. دعونا نستكشف هذه الاتجاهات سويّاً ونتوقع أهم المواضيع لعام 2024.
أحدث اتجاهات الموارد البشرية لعام 2024:
١. الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية:
من المؤكّد بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI أو GenAI سيستمر في لعب دور محوري ومهم في العديد من وظائف الموارد البشرية لعام 2024، وذلك بناءً على الخبرات والدروس المستفادة من عام 2023.
يعد انتشار GenAI أمراً بالغ الأهمية، حيث أنه يغيّر سير العمل وكيف يقوم الموظفون بأعمالهم. ومع ذلك، يأتي هذا مع مجموعة من التحديات الخاصة به.
على الرغم من هذه التحديات، سيظل GenAI جزءاً لا يتجزأ من الموارد البشرية، وأتمتة استقطاب المواهب وإدارتها، وتعزيز العمليات، وتوفير الدعم الذكي لتحسين تجربة المرشحين، وزيادة نسبة المشاركة.
٢. إدارة التعويضات في الموارد البشرية:
تشهد ديناميكية إدارة التعويضات تغيرات كبيرة في عام 2024، استجابةً للتوقعات الجديدة التي تتعلّق بالمرونة، الإنصاف، الشفافية والتوقيت. وقد دفع الارتفاع الكبير في “الاستقالة الصامتة” أصحاب العمل إلى إعادة تقييم هيكل الأجور. كما وجد تقرير حالة مقر العمل عالمياً لعام 2023 أن الأجر له علاقة كبيرة بذلك، حيث أنه ليس فقط ما يُدفع للموظفين، ولكن متى وكيف.
في عام 2024، ومع قيام المزيد من أصحاب العمل بنشر سياسة “العودة إلى المكتب”، تزداد حاجتهم إلى تقديم تعويضات ومزايا لمعالجة أمور الموظفين التي تتعلّق برواتبهم أو بتكلفة عودتهم إلى العمل.
يتضمّن النهج الجديد للتعويضات والمزايا الشفافية، والإنصاف والتسليم. كما يمكّن أصحاب العمل في توفير خيارات استلام الرواتب أو الزيادات أو السُلف أو أية مبالغ خارجية مستحقّة للموظف عند الطلب ليعزّز ذلك المرونة بينهم، وذلك التزاماً بمعاملة الموظفين كأفراد وليس فقط كأرقام.
٣. علاقة صاحب العمل والموظّف:
شهد مشهد العمل تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، وكان لهذه التحولات تأثير عميق على العلاقة بين صاحب العمل والموظّفين. في عام 2024، يتوقع أن يعمل أصحاب العمل الأذكياء على تخفيف التوتر وتأثيره السلبي على جميع جوانب العمل، بدءا من مستوى المشاركة وصولاً إلى أداء الفريق، ومن الاحتفاظ بالموظفين حتى تعزيز نموّهم المستدام.
تشير التوقعات إلى أن هذا التحول سيمتد أيضا إلى تقييم العبء الواقع على عاتق المدراء، حيث يتعين عليهم التكيف مع هذه التحولات والتحديات الجديدة. يتطلب الأمر من أصحاب العمل الحكيمين اتخاذ إجراءات فعّالة لتحسين تجربة الموظفين وتعزيز رفاهيتهم.
تعتبر معالجة هذه القضايا، وخاصةً من خلال تعزيز مستويات الشفافية في العمل، أمرا حاسما وضروريا لتعزيز الروابط الصحية وبناء علاقات تعاونية بين أصحاب العمل والموظفين. في هذا السياق، يصبح تحقيق التوازن بين متطلبات الشركة واحتياجات الموظفين أمرا حيويا لضمان استدامة وازدهار العلاقة العملية.
٤. منصات تكنولوجيا الموارد البشرية:
تتسارع مسيرة تطور تكنولوجيا الموارد البشرية، حيث تقدم منصات الموارد البشرية حلاً شاملاً لمتطلبات متنوعة. في عام 2024، ستتخذ المؤسسات بمختلف أحجامها حلولا متكاملة لتلبية احتياجات تكنولوجيا الموارد البشرية. يتطلب دمج الذكاء الاصطناعي في هذه المنصات دراسة متأنية، خاصة في مجالات مثل التوظيف والتنبؤ بالاحتفاظ بالمواهب.
ما كان يُعتبر في السابق حصراً للشركات الكبيرة، أصبح الآن في متناول الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يخلق بيئة موحدة لاتخاذ القرارات، وإدارة الامتثال، والتغلب على تعقيدات مختلف أوضاع العمل؛ سواء كانت بعيدة، مختلطة، مرنة، أو متعددة المحاور.
٥. تطوير المهارات والتعلّم:
تسبب التحول الرقمي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إعادة تعريف الكفاءات الأساسية، مع التركيز على الحاجة الملحة لاكتساب مهارات محددة للتفاعل مع التقنيات المتقدمة. إعطاء الأولوية للمهارات على المؤهلات التقليدية يمكن المنشآت من تحقيق مرونة أكبر في جذب المواهب وتطويرها.
في الوقت نفسه، يتعين على المسؤولين تعزيز ليس فقط برامج التعلم والتطوير، ولكن أيضًا ثقافة التعلم الجادة داخل المؤسسات. على الرغم من اعتراف القادة بأهمية التعلم والتطوير في تعزيز المهارات، يختلف غالبًا منظور الموظفين تجاه ثقافة التعلم التنظيمية. إغلاق هذه الفجوة يعد أمرًا ضروريًا لتحقيق النمو التنظيمي ونجاح الموظفين.
بعيدا عن هذه الاتجاهات الخمس، تظل مبادرات التنوع والإنصاف والشمولية والانتماء حاضرة بشكل أساسي في جذب المواهب وتنظيمها. تكتسب استراتيجيات التنقل الداخلي أهمية كبيرة، خاصةً عندما تتوافق مع المبادرات المذكورة أعلاه.
علاوةً على ذلك، تظل وتيرة التغيير مستمرة في اتجاه ثابت في مجال تكنولوجيا الموارد البشرية، مما يؤكد على ضرورة وجود أساس قوي وممارسات متسقة وسط تقنيات متقدمة.