تسعى المملكة العربية السعودية منذ إطلاق رؤية 2030 إلى تعزيز مشاركة المواطنين السعوديين في سوق العمل، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة. وفي قلب هذه الجهود تأتي "السعودة" كأداة رئيسية، مدعومة بنظام نطاقات الذي يوفّر إطاراً تنظيمياً واضحاً لتطبيق سياسات التوطين في القطاع الخاص ويقدّم نظرة شاملة وعملية لفهم:
السعودة، أو التوطين، هي سياسة أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بهدف رفع نسبة مشاركة المواطنين السعوديين في سوق العمل، وبشكل خاص في القطاع الخاص. ويُطبق ذلك من خلال نظام "نطاقات" الذي يُحدد لكل منشأة نسبة إلزامية لتوظيف سعوديين، بناءً على حجم الشركة وعدد العاملين فيها.
لكن التعريف الحقيقي للسعودة لا يقتصر على الأرقام، بل يمتد إلى تمكين الكفاءات الوطنية، وإعدادهم لأدوار حقيقية، وبناء مستقبل مهني مستدام داخل السوق المحلي.
في العقود الماضية، اعتمدت معظم الشركات على العمالة الوافدة بسبب انخفاض التكاليف وسهولة التوظيف، مما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين، خصوصاً فئة الشباب. أُطلقت سياسة السعودة كرد استراتيجي على هذا الخلل، بهدف:
وبالفعل، انعكست هذه السياسات في انخفاض معدل البطالة إلى 7% بنهاية عام 2024، وهو ما كان مستهدف أصلاً بحلول 2030 ضمن رؤية السعودية 2030.
هو نظام تصنيفي يُلزم المنشآت بتوظيف عدد محدد من السعوديين حسب نشاط المنشأة وحجمها. وتُصنَّف المنشآت إلى خمس فئات:
ويتم تحديد التصنيف بناءً على:
تُمنح المنشآت ذات التصنيف المرتفع مزايا مثل تجديد رخص العمل، إصدار التأشيرات، ونقل خدمات الموظفين. أما المنشآت المصنفة في النطاق الأحمر فتُمنع من الاستقدام أو فتح فروع جديدة ولا تحصل على أي خدمات من الوزارة.
المنشآت الصغيرة (فئة أ – 5 موظفين أو أقل) تخضع لتصنيف مبسط بنطاقين فقط: أخضر وأحمر. ويُشترط توظيف سعودي واحد على الأقل للبقاء ضمن النطاق الأخضر.
علماً بأنه لا يتم حساب كافة الموظفين بنفس الطريقة. هناك حالات تؤثر إيجاباً أو سلباً على نسبة التوطين. فهم تفاصيل نطاقات لا يساعد فقط على الامتثال، بل يُمكّن الشركات من التخطيط الذكي للتوطين وتحقيق أفضل النتائج بأقل مخاطرة.
بالنسبة للعديد من الشركات، تبدأ السعودة كاستجابة لتعليمات الوزارة أو سعياً لتحسين النطاق. لكن الفرق كبير بين الامتثال وبين بناء استراتيجية توطين حقيقية. التوطين الناجح لا يُقاس فقط بالنسب، بل بنوعية الأدوار التي يشغلها السعوديون، ومستوى تأثيرهم، واستمراريتهم في المؤسسة.
السؤال الأهم اليوم ليس "هل بلغت نسبة السعودة المطلوبة؟" فقط، بل:
تفعيل السعودة بشكل فعّال يتطلب من الشركات أن تتعامل معها كجزء من استراتيجية نمو، وليس مجرد امتثال تنظيمي. فيما يلي خطوات عملية يُمكن لإدارات الموارد البشرية اعتمادها: