بغض النظر عن كيفية قياس تأثير النوم على إنتاجية الموظفين، فإن الحرمان من النوم يكلف الشركات مبالغ هائلة في الإنتاجية المفقودة وحتى من دون أن يدركوا ذلك. تخسر الشركات الأمريكية ما يقدر بـ 60 مليار دولار بسبب انخفاض الإنتاجية نتيجة لقلة النوم. من دون النوم لساعات كافية يعمل موظفوك بشكل أبطأ وأقل فعالية. وقد يتسائل البعض منكم إن كان النوم مسألة متعلقة بالشركة أم على الموظف التعامل معها بنفسه؟ وعلى الرغم من حصول موضوع النوم على الكثير من الاهتمام في السنوات الأخيرة، حتى الآن، لم تركز الكثير من الشركات وخاصة في منطقة الشرق الأوسط على تعزيز أهمية النوم الجيد ليلاً – أو إنشاء ما نسميه بثقافة “النوم أولاً”. وبذلك تستمر المعايير والتصورات الثقافية الحالية وثقافة “التواصل الدائم وعدم الانقطاع” عن العمل – إلى جانب دخول التكنولوجيا وتطبيقاتها في كل ناحية من العمل – في تقويض قدرة الموظفين على الحصول على نوم جيد.
في هذه المقالة، نستكشف فوائد النوم بالاضافة للعواقب السلبية لعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم. على وجه التحديد، سنركز على كيف يمكن أن يؤدي وجود قوى عاملة محرومة من النوم إلى تقويض أداء الشركات.
هل تعلم أن جيناتنا تحدد تفضيلاتنا المتعلقة بالنوم؟
هل تعلم أن الأشخاص الذين يفضلون النوم في أوقات متأخرة “Night Owls” يولدون بهذه الطريقة؟ إنهم يتصرفون بالطريقة التي تم بها برمجة أجسامهم، حيث أن الجينات في أجسامنا تحدد تفضيلاتنا للنوم والاستيقاظ. قام الباحثون بفحص أدمغة الأشخاص الذين تم تصنيفهم على أنهم أشخاص ليليون، وجدوا أنهم لديهم “اتصال دماغي” أقل خلال فترة الصباح – وهو مقياس لكيفية تزامن مناطق الدماغ المختلفة مع بعضها البعض – مقارنة مع الأشخاص الذين يفضلون فترة الصباح. تشير النتائج إلى أن الأشخاص الليليون قد يعانون من مشاكل في الانتباه والنعاس عندما يحاولون الامتثال لأوقات العمل المعتادة من 9 إلى 5 – وهو أمر لا يتطابق مع ساعتهم البيولوجية. إذا استطعنا، كمجتمع وكمسؤولي الموارد البشرية أن نكون أكثر مرونة بشأن كيفية إدارة وقت الموظفين، يمكننا زيادة الإنتاجية إلى أقصى حد وتقليل المخاطر الصحية للموظفين.
تقليل رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات بعد ساعات العمل
يمكن لقادة الشركات إنشاء سياسة داخلية للشركة تحد من إرسال رسائل البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل. أصدرت فرنسا قانونًا يطالب الشركات التي لديها أكثر من 50 موظفًا بوضع سياسات بساعات لا يمكن للموظفين خلالها إرسال رسائل البريد الإلكتروني أو الرد عليها. الشركات الأخرى تحذو حذوها عن طريق الحد من استخدام البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل. قم بالحد من مكالمات الفيديو بعد ساعات العمل وذلك للتخلص من تأثير وهج شاشات الكمبيوتر على هرمون النوم. بالنسبة للمكالمات العالمية التي يجب أن تحدث خارج ساعات العمل العادية، شجع أولئك الذين يتلقون مكالمات خارج ساعات العمل في منزلهم على استخدام هواتفهم فقط بدلاً من تلقي المكالمة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
أفضل الموظفين هم أولئك الذين يعملون خلال ساعاتهم المثلى وفقاً لنمطهم الزمني.
كيف يمكن أن يساعد النوم بشكل أفضل شركتك
أفضل الموظفين هم أولئك الذين يعملون خلال ساعاتهم المثلى وفقًا لنمطهم الزمني. إذا سمحت للموظفين بأن يناموا داخل نوافذ نومهم وبالعمل خلال أوقاتهم المثلى، فمن المحتمل أن تقصر ساعات عملهم بنسبة 30 في المائة ولكن مع أنماط نوم أفضل يمكنهم أن يكونوا أكثر إنتاجية. تذكر أنه لافائدة من موظف يقضي ساعات اضافية في المكتب دون أن يحقق نتائج ملموسة. إن تشجيع الموظفين والمدراء على الوصول إلى العمل وهم مرتاحون يحولهم من أشخاص مشغولون وغير فعالين إلى أفراد منتجين ومفيدين يلهمون ويدعمون ويساعدون بعضهم البعض.
قلة النوم لا تعادل زيادة في الإنتاجية. وبحسب المقاييس التي تستخدمها لتحديد نجاح أعمالك – كالربح أو إبداع الموظفين، أو رضى الموظفين – فإن الدليل واضح: النوم هو أكبر شكل من أشكال رأس المال الاستثماري الذي يدعم الموظفين صحيا ويوفر لشركتك ميزة تنافسية.
إحداث تحول ثقافي في شركتك من خلال “مبادرات النوم”
لماذا لا يزال ينظر إلى ساعات العمل الطويلة كشيء يتباهى به في مكان العمل؟ في الواقع، غالبًا ما يُنظر إلى النوم على أنه “إزعاج ضروري” أو الأسوأ من ذلك، كصفة للموظف الكسول، حيث يتباهى الموظفون القادمون من رحلات العمل الطويلة بالحضور في اليوم التالي للعمل دون الحصول على قدر كاف من النوم. تحتاج هذه الأنواع من المواقف تجاه النوم إلى التحول قبل أن يتحقق التغيير المؤسسي بالكامل. لهذا السبب، بالإضافة إلى التوصيات التي قدمناها في هذه المقالة، نعتقد أيضًا أنه يجب على القادة بذل جهد كبير للتعبير عن “السبب” وراء مبادرات النوم أولاً، جنبًا إلى جنب مع التوجيهات من قسم الموارد البشرية لمساعدة الموظفين على تحقيق نوم أفضل.