أصبحت مصطلحات “الإجهاد الوظيفي” أو “الإنهاك المهني” تُؤخذ على محمل الجد أكثر من أي وقت مضى، وتتعدد الدراسات والمقالات التي تتحدث عن هذا الموضوع نظراً لأهميته ومدى تأثيره على الحياة العملية والحياة الشخصية أيضاً. فما هو الإجهاد الوظيفي؟ ما هي المسببات المباشره لهذه المشكلة؟ كيف يمكنك رصد هذه المشكلة في مكان عملك؟ وما هي الاستراتيجيات المقترحة للتقليل من حدوثها؟
عرفّت منظمة الصحة العالمية “الإجهاد الوظيفي” بأنه متلازمة تنجم عن إجهاد مزمن في مكان العمل لم يتم التعامل معه بنجاح. وبأنه يتسم بثلاثة أبعاد:
بمعنى آخر، الإجهاد الوظيفي هي حالة تصيب واحد أو أكثر من الموظفين في شركتك والذين أثبتوا جدارتهم في السابق، ولكن لم يعودوا كسابق عهدهم من ناحية جودة عملهم وإنتاجيتهم وشغفهم في العمل. تتعامل معظم الشركات مع الإجهاد الوظيفي كأنه مشكلة شخصية تتعلق بالموظف نفسه ولكن في الواقع إنه تحدي خطير على مستوى الشركة وعلى كل شركة دراسة حالتها وتحديد المسببات ووضع خطط للحد من هذه المشكلة.
دراسات من حول العالم:
في الولايات المتحدة: صرّح 67% من الموظفين العاملين بدوام كامل بأنهم يعانون من الإجهاد الوظيفي بدرجات متفاوتة.
في ألمانيا: ما يقارب 2.7 مليون موظف يعانون من الإجهاد الوظيفي، لذلك شهدت البلد ارتقاع ملحوظ في عدد الإجازات المرضية في السنوات الأخيرة والتي كانت نتيجة للوضع النفسي للموظفين في العمل.
في فرنسا: وفقاً لدراسة أجريت عام 2017، فإن ما يقارب 25% من الموظفين يعانون من إجهاد مفرط في العمل.
1. التعامل غير العادل مع الموظفين
الموظف الذي يشعر بأنه يُعامل بطريقة غير عادلة في مكان عمله يكون عادةً أكثر عرضة للإصابة بالإجهاد الوظيفي. تتعدد أشكال التعامل غير العادل في مكان العمل فقد يكون هناك تحّيز واضح لفئة معينة من الموظفين أو وجود واسطة ومحسوبية في الشركة أو تطبيق السياسات على البعض وتجاهل تطبيقها على البعض الآخر.
بغض النظر عن الشكل الذي يتخذه التعامل غير العادل في الشركة، فحالما يفقد الموظف ثقته بمديره أو زملائه أو الإدارة العليا في الشركة سيفقد فوراً شغفه للعمل.
2. ساعات العمل الطويلة وضغوطات العمل غير المحتملة
العمل لساعات طويلة لا يعني إنتاجية أفضل بل على العكس، يمكن أن يكون خطراً على الصحة العقلية والبدنية، وقد تم ربط العمل لساعات طويلة بمجموعة من السلبيات بدءاً من ضعف مهارات الاتصال وانخفاض الإنتاجية إلى قلة عدد ساعات النوم والاكتئاب مما يسبب حتماً الإجهاد الوظيفي. لذلك، إذا كنت تعتقد بأن إجبار موظفيك على العمل لساعات طويلة لزيادة إنتاجيتهم وإنجاز مهامهم بشكل أسرع، فأنت مخطئ!
3. اختلال التوازن ما بين الحياة والعمل
شعور الموظف بأن العمل هو أولويته الأولى حتى خارج ساعات الدوام وعدم قدرته على الفصل ما بين عمله وحياته الشخصية وتوقعات الشركة منه بأن يكن متاحاً على مدار اليوم وتقييده عند رغبته بأخذ إجازاته السنوية ستؤدي بالنتيجة إلى إصابة الموظف بمتلازمة الإجهاد الوظيفي وشعور عام بالإحباط والنفور. إذا كنت ترغب ببناء بيئة عمل صحية وخالية من الإجهاد والإرهاق، عليك أن تحترم الحياة الشخصية لموظفيك ووضع سياسات تساعد وتشجع الموظفين على تحقيق هذا التوازن.
4. لا يوجد أي تقدير حقيقي للموظفين
أثبتت الدراسات بأن الموظفين يعملون بِجِد أكثر حين يشعرون بأن هناك تقدير حقيقي لجهودهم وإنجازاتهم وبأن شعور الموظف بعدم تقدير جهوده هو أحد الأسباب الأساسية لشعوره بالإجهاد الوظيفي وترك الموظفين لأعمالهم. التقدير الحقيقي لا يعني تقديم هدية رمزية أو مادية لجميع موظفي الشركة في نهاية العام كشكر على جهودهم! بل عليك أخذ الموضوع بجدية أكثر، حيث عليك النظر إلى إنجازات وأداء كل فرد وإظهار التقدير بما يتناسب مع هذه الإنجازات.
1. تدنّي الإنتاجية وجودة العمل
إذا بدأت تلاحظ انخفاض في المبيعات أو المشاريع المنجزة أو تزايد في شكاوي العملاء أو تأخير في إنهاء المهام فأول ما قد يراودك هو أن الموظف المسؤول عن هذا التراجع ليس كفؤ بالنسبة للمسؤوليات التي أعطيت له، ولكن في حال كان هذا الموظف أحد موظفيك المتميّزين على مدى أعوام سابقة ولكن أصبح هناك تراجع تدريجي في أدائه، فهذه غالباً علامة بأن هذا الموظف يعاني من مشكلة معينة في عمله أو لم يعد مهتماً بعمله كالسابق.
2. الشعور بالتعب في كافة الأوقات
من الطبيعي أن يُظهر الموظف تعبه النفسي والجسدي في أوقات معينة من العمل، خاصةً عند تزايد ضغوطات العمل وقضاء ساعات طويلة في مكان العمل دون راحة، ولكن حين تشعر بأن أحد الموظفين النشيطين أصبح يشعر بتعب نفسي أو جسدي دائم ولا يُظهر حماسه لأي مشروع أو مهمة جديدة، فقد تكون هذه أيضاً إشارة بأنه يشعر بإجهاد.
3. كثرة الغيابات غير المبررة
بما أن الموظف الذي يشعر بالإجهاد الوظيفي يواجه عادةً تعب جسدي ونفسي، فإن عدد غياباته سيتزايد، إما بسبب شعور فعلي بالتعب الشديد أو بسبب الشعور بالإحباط من العمل وعدم الرغبة بالذهاب للمكتب.
4. كثرة الأخطاء والحوادث في العمل
نظراً لضعف تركيز الموظف الذي يعاني من الإجهاد الوظيفي وشعوره بالقلق المفرط، فإنك ستلاحظ حتماً ازدياد الأخطاء المرتكبة من قبل هذا الموظف وتأخره المتكرر في تسليم المهام الموكلة إليه.
5. الحساسية المفرطة
في حال لاحظت بأن أحد موظفيك الذي كان يعمل بمهنية عالية ويتقبل أي نقد بنّاء من مدرائه وزملائه في العمل قد أصبح حساس جداً ولا يتقبل النقد ويشعر بالاستياء من أي اقتراح أو نقد أو نصيحة فاعلم بأنه هذه قد تكون إشارة بأنه يعاني من الإجهاد الوظيفي.
هل ترغب بأتمتة جميع عمليات الموارد البشرية في شركتك؟